نام کتاب : زهر الآداب وثمر الألباب نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 4 صفحه : 1154
[من مقامات بديع الزمان]
ومن إنشائه فى مقامات أبى الفتح السكندرى:
حدّثنا عيسى بن هشام قال: حدانى إلى سجستان أرب «1» ، فاقتعدت طيّته، وامتطيت مطيّته، واستخرت الله تعالى فى العزم حدوته أمامى، والحزم جعلته قدّامى، حتى هدانى إليها، ووافيت دروبها «2» ، وقد وافت الشمس غروبها، واتفق المبيت حيث انتهيت؛ ولما انتضى نصل الصباح، وبرز جبين المصباح، مضيت إلى السوق أتّخذ منزلا، فحيث انتهيت من دائرة البلد إلى نقطتها، ومن قلادة السوق إلى واسطتها، خرق سمعى صوت له من كلّ عرق معنى، فانتحيت وفده، حتى وقفت عنده؛ فإذا رجل على فرسه، مختنق بنفسه، قد ولّانى قذاله وهو يقول: من عرفنى فقد عرفنى، ومن لم يعرفنى فأنا أعرّفه بنفسى، أنا باكورة اليمن، أنا أحدوثة الزمن، أنا أدعيّة الرجال، وأحجيّة ربات الحجال «3» ، سلوا عنى الجبال وحزونها، والبحار وعيونها، والخيل ومتونها، من الذى ملك أسوارها، وعرف أسرارها، ونهج سمتها، وولج حرّتها؟ وسلوا الملوك وخزائنها، والأغلاق ومعادنها، والعلوم وبواطنها، والخطوب ومغالقها، والحروب ومضابقها، من الذى أخذ مختزنها، ولم يؤدّ ثمنها؟ ومن الذى ملك مفاتحها، وعرف مصالحها؟ أنا والله فعلت ذلك، وسفرت بين الملوك الصّيد، وكشفت أستار الخطوب السّود. أنا والله شهدت حتى مصارع العشّاق، ومرضت حتى لمرض الأحداق، وهصرت الغصون الناعمات، وجنيت جنى الخدود المورّدات، ونفرت عن الدنيات نفور طبع الكريم عن وجوه اللئام، ونبوت عن المحرمات نبوّ سمع الشريف عن قبيح الكلام، والآن لما أسفر صبح المشيب، وعلتنى أبّهة الكبر، عمدت
نام کتاب : زهر الآداب وثمر الألباب نویسنده : الحُصري القيرواني جلد : 4 صفحه : 1154